
تم إعداد هذا الربورتاج الصحفي في إطار المشاركة في الدورة 23 من “مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة”
والتي نظمت هذه السنة تحت شعار: “إعادة تأهيل النظم البيئية”
تقديم: أصبحت النظم البيئية في بلادنا عامة وفي إقليمنا ورزازات خاصة تشهد تراجعا ملحوظا على مستوى الثروة الحيوانية إذ أصبحت هذه الظاهرة تشكل عائقا أمام تجديد النظم البيئية.
فما هي الأسباب الرئيسية وراء تدهور هذه الثروة؟ وما انعكاساتها؟
وما هي الاجراءات المتخذة والحلول المقترحة لحمايتها؟
الوضعية الحالية للثروة الحيوانية من قطيع الماشية
يعتبر اقليم ورزازات من المناطق النشيطة وطنيا في مجال تربية الماشية عبر التاريخ لكنه بدأ يتعرض خلال السنوات الاخيرة لتراجع مقلق، وهذا ما يتجسد فعليا من خلال بعض الإحصائيات الأخيرة التي صرحت بها وزارة الفلاحة، والتي تؤكد أن نسبة تراجع قطيع الماشية أواخر سنة 2024 بلغت “36% مقارنة بسنة 2016”.
وهنا ستنطلق مسيرتنا الميدانية للبحث عن مربي الماشية:
اثناء تجولنا في الانحاء بأحد المراعي الرئيسية على مستوى جماعتي “أمرزكان، وأنزال” باحثين عن مربي الماشية -سواء الرحل أو أبناء المنطقة- متنقلين من مكان إلى آخر لساعات طوال وعلى مسافات. غير أنه اندهشنا من غياب تام للرعاة ورغم أن الموسم موسم الرعي بامتياز في المنطقة.
لقد أصبح البحث عن “الكسابة” عملة نادرة هذه الأيام.

صورة: لمشهد طبيعي تعكس بشكل جلي مدى تراجع قطيع الماشية بالمنطقة
أسباب تدهور هذه الثروة الحيوانية
أولا: التغيرات المناخية ودورها في الازمة
“جفاف يضرب والمواشي تختفي… القطيع الوطني في مأزق”
تساهم التغيرات المناخية بشكل كبير في تدهور القطيع الوطني من خلال عدة تأثيرات مترابطة:
Ø الجفاف ونقص الموارد المائية؛
Ø تدهور الغطاء النباتي؛
Ø انتشار الأمراض: ونذكر هنا على سبيل المثال نفوق أزيد من 120 رأسا من الماعز في الفترة الأخيرة “بجماعة غسات”؛
Ø تغير انماط الرعي والتنقل… وغيرها.
ثانيا: مخططات تدبيرية للقطاع في واد والمستقبل في واد آخر
رغم وجودبرامج ومخططات وطنية لتأهيل قطاع تربية الماشية الا ان الواقع يظهر فراغا كبيرا بين ما هو معلن وما هو منجز على أرض الواقع، ويتجلى ذلك في: غياب أو ندرة اللقاحات إلى جانب كثرة الأوبئة، أضف إلى ذلك عدم تقديم الدعم المادي والمالي الكافي للمربيين وغياب المواكبة والاستشارة.
انعكاسات تدهور هذه الثروة الحيوانية:
أولا: تهديد الأمن الغذائي الحيوي للمجتمع
بما ان القطيع الوطني يعتبر أحد اعمدة الاقتصاد الوطني المغربي فإن تراجعه يهدد المجتمع وأمنه الغذائي، ويتجلى ذلك في ضعف انتاج الموارد الحيوانية من اللحوم والحليب…، إلى جانب أزمة ارتفاع الأسعار بشكل صاروخي.
ثانيا: تأثيرات بيئية وخيمة لا تنتهي
تراجع القطيع الوطني لا يهدد فقط الامن الغذائي بل يؤثر بشكل سلبي على البيئة ويظهر ذلك في العديد من الجوانب: كتدهور التنوع البيولوجي واختلال التوازن البيئي، إلى جانب افتقار البيئة الرعوية للسماد الطبيعي، وذلك بالنظر لفوائده الكثيرة.
ثالثا: تقاليد وعادات في طريق الاندثار
المغرب بلد متعدد العادات والتقاليد التي تندمج مع الطبيعة، والرحل جزء كبير من هذه الثقافة فمن خلال تنقلهم بحثا عن الماء والكلأ لإطعام ماشيتهم فهم يمنحون الأرض فرصة للراحة والتجدد ويساعدون على بقاء الغطاء النباتي، ولكن مع تعاقب سنوات الجفاف أصبحت هذه العادة في تراجع مقلق.
ومن العادات التي دأب عليها المغاربة أيضا؛ تربية المواشي في البيوت والتي كانت تساهم في زيادة عدد المواشي وتعزيز الثروة الحيوانية، ولكن للأسف بدأت هذه العادة في الانقراض وأصبح العيش في البوادي والأرياف صعبا دونها.
رابعا: فقدان الأمل والتفكير في الهجرة
أمام تراجع القطيع الوطني وغياب الدعم وصعوبة التكيف مع التغيرات المناخية بدأت شرائح واسعة من مربي الماشية يشعرون بالإحباط وخيبة الامل مع التهميش.
وذلك ما جعل العديد منهم فاقدين الأمل مفكرين في الهجرة، إلى جانب كون الاجيال الأخيرة لم تعد تولي اهتماما لهذا النوع من الأنشطة.
صورة: تفقد فريق الصحفيين الشباب لأحد (لعزيب) والذي يبدو مهجورا مند مدة.
هذا الانخفاض الحاد في المردودية دفع بالشباب القروي الى اعادة التفكير في مستقبلهم المهني، والبحث عن فرص أكثر استقرارا غالبا في الحواضر.
أبرز الحلول والاجراءات المتخذة لحماية الثروة الحيوانية من قطيع الماشية:
مما لا شك فيه ان الجميع يتحمل مسؤولية ما وقع من انهيار لقطيع الماشية ببلادنا، الا انه في نفس الوقت على الجميع المبادرة في ايجاد حلول فعالة للحد من هذا المشكل وحماية الثروة الحيوانية، وذلك من خلال:
أولا: توفير الدعم المادي اللازم لمربي الماشية
في السنوات الاخيرة لاحظنا نقصا كبيرا في عدد مربي الماشية وكان لهذا أسباب متعددة يصعب ذكرها، ولكن من أبرزها قلة الدعم سواء ماديا او بتقديم الاعلاف واللقاحات وكما ورد على لسان أحد مربيٍ الماشية الذي قمنا باستجوابه السيد (ع.أ) “نطلب من الدولة توفير الدعم الضروري لنا من اعلاف، لقاحات، وادوية باعتبارنا نعاني من صعوبة في ايجادها ولارتفاع سعرها، لأنها من اساسيات تربية الماشية”.
ثانيا: مشاريع طموحة في الطريق
قامت الدولة ببرمجة العديد من المشاريع في هذا المجال، حيث أطلقت دعما بالنسبة للأعلاف، والأدوية، واللقاحات وهذا بطبيعة الحال يتم مع ربطه بمجموعة من الشروط كما ورد على لسان المستشار الفلاحي السيد (ص.ح) “غالبا الدعم يقدم للفلاحين مع ضرورة امتلاك البطاقة المهنية، وامتلاك عدد معين من القطيع”.
كما أورد قائلا؛ “تمت برمجة “مشروع الجيل الاخضر” لمواصلة الاصلاحات في المجال الفلاحي، وخلفة لـ “مشروع المغرب الأخضر”.
ثالثا: مبادرات للتشجيع على العودة للأصل
تعد تربية الماشية من الانشطة الاكثر ممارسة في البوادي حيث تعتبر مصدر رزق ولقمة عيش للعديد من الساكنة ولكن بعد الانخفاض الحاد في أعداد الماشية ومربيها فمن الضروري العودة الى الاصل واستعادة الهوية وهذا سيكون من خلال:
ü انشاء تعاونيات لدعم المنتوجات الحيوانية؛
ü إطلاق برامج تكوين وتأطير لفائدة الشباب في هذا الميدان؛
ü ادماج برامج تحسيسية حول أهمية الثروة الحيوانية لبلادنا في المناهج التعليمية؛
ü تنظيم معارض لتقديم المنتوجات الحيوانية؛
ü حماية المراعي الرئيسية وتطويرها، كتزويدها بنقط الماء لتوريد الماشية.
صورة: بداية امتداد الأراضي الفلاحية على حساب المراعي
وفي الختام فإن تراجع قطيع الماشية في المغرب يمثل تحديا كبيرا يتطلب تدخلا عاجلا لأجل الحد من تدهور القطيع لضمان الأمن الغذائي والحفاظ على الثروة الحيوانية مما سيساهم في تأهيل النظم البيئية.
المصادر:
– زيارات ميدانية، واتصالات هاتفية.
– الموقع الالكتروني لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
– المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لورزازات (فرع تمدلين).
مع تحيات فريق عمل: “الصحفيين الشباب من أجل البيئة بالثانوية الإعدادية بن تومرت” – مديرية ورزازات
إعداد وتقديم التلاميذ: – الصبار ملاك. – ايت المدن مريم. – إسماعيلي إشراق.
– البخاري آمال. – ايت صالح محمد أمين. – بركة سعيد.
تحت إشراف وتأطير الأستاذ: الحسن جناح.
