أخبار عاجلة

الزيارة التاريخية للمغفور له محمد الخامس إلى محاميد الغزلان: أبعاد تاريخية ودلالات سياسية

زاكورة – مروان قراب – تعتبر الزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له محمد الخامس إلى محاميد الغزلان عام 1958 محطة مفصلية في تاريخ المغرب الحديث، حيث تعكس بوضوح أبعاداً تاريخية ودلالات سياسية عظيمة لم تأتِ من قبيل الصدفة. هذه الزيارة، التي استهدفت منطقة الجنوب الشرقي من المملكة، كان لها دور بارز في تعزيز وحدة الشعب المغربي وتحقيق استكمال الوحدة الترابية للبلاد.

وبالنسبة للبعد التاريخي تعود أهمية زيارة الملك محمد الخامس إلى محاميد الغزلان إلى كونها تمثل نقطة تحول في تاريخ المغرب بعد الاستقلال.

ففي سياق ذلك الزمن الذي كان المغرب فيه ما زال في مرحلة بناء الدولة الوطنية الجديدة، كانت زيارة الملك إلى المناطق النائية والبعيدة عن المركز تعبيراً قوياً عن حرصه على وحدة البلاد وترسيخ رمزية السلطة المركزية في كل ربوع المملكة.

محاميد الغزلان، تلك الأرض الصحراوية التي لطالما كانت تعرف بأنها جزء من الأطراف المغربية، قد كانت بحاجة إلى رسالة قوية من أعلى مستوى في الدولة لإثبات ارتباطها الوثيق ببقية أجزاء المملكة.

ومن الناحية السياسية، كانت الزيارة محورية في العديد من الجوانب. أولاً، مثلت هذه الزيارة تجسيداً لإرادة المملكة المغربية في التوسع نحو الجنوب بعد الاستقلال، وهو ما يعكس الطموحات المغربية في استكمال الوحدة الترابية التي لم تكن قد اكتملت بعد بسبب الاستعمار الفرنسي الذي كان قد فصل أجزاء من الصحراء المغربية. زيارة محمد الخامس إلى محاميد الغزلان كانت بمثابة إعلان تأكيد على عزم المغرب في الحفاظ على سيادته على أراضيه الجنوبية.

كما كانت تلك الزيارة بمثابة رسالة سياسية إلى القوى الاستعمارية السابقة، خصوصاً فرنسا، مفادها أن المغرب لن يتسامح مع أي محاولة لتقويض وحدته الترابية. في تلك الحقبة الزمنية، كانت قضية الصحراء المغربية قد بدأت تبرز كأحد الملفات الحساسة التي تحتاج إلى تسوية نهائية لتحديد حدود المملكة. زيارة الملك إلى محاميد الغزلان كانت تأكيداً على مغربية الصحراء وأنها جزء لا يتجزأ من سيادة الدولة.

وعلى المستوى الارتباط الشعبي بتوابث البلاد، كان للزيارة دور قوي في تعزيز وحدة الشعب المغربي، لاسيما ان زيارة المغفور له إلى محاميد الغزلان بمثابة تفعيل لمفهوم “وحدة الشعب المغربي”.

وباعتبار هذه الزيارة التي تجمع بين المغفور له الملك والشعب المغربي من مختلف القبائل والأعراق كانت رسالة واضحة بأن المغرب شعب واحد رغم تنوع مناطقه واختلاف تقاليده، حيت سجلت بمداد من ذهب جولات الملك محمد الخامس في المناطق الجنوبية ساهمت في تعزيز الشعور بالانتماء والوحدة لدى سكان تلك المناطق الذين كانوا متشبتين بالوحدة الترابية وبالعرش والبيعة للمغفور له الملك محمد الخامس.

إلى جانب ذلك، فإن الزيارة أسهمت في تعزيز مكانة الملك محمد الخامس في نفوس المواطنين، حيث رأوا فيه القائد الذي يهتم بكل فئات الشعب ويمثل ضمانة لوحدة الوطن واستقراره.

ومن خلال التفاعل والتواصل المباشر مع السكان في محاميد الغزلان، استطاع الملك أن ينقل لهم رسالة الأمل والطموح في بناء مغرب قوي موحد على أسس من العدالة والمساواة، والذي تعزز بالزيارة التاريخية للمغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه سنة 1981، والزيارتين الخالدتين لمبدع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، صاجب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، سنة 2000، و2005.

إن الزيارة التاريخية للمغفور له محمد الخامس إلى محاميد الغزلان ليست مجرد حدث عابر، بل هي نقطة مفصلية في مسار بناء الدولة المغربية الحديثة، وذلك من خلال أبعادها التاريخية والدلالات السياسية، بل لعبت هذه الزيارة دوراً مهماً في تحقيق وحدة الشعب المغربي واستكمال الوحدة الترابية للبلاد، وأثبتت الزيارة أن المملكة، بقيادة محمد الخامس، كانت تسير بخطى ثابتة نحو بناء هوية وطنية موحدة تتجاوز كل التحديات الداخلية والخارجية.

شاهد أيضاً

مشاركة تلاميذ النادي البيئي والصحي لثانوية بدر الاعدادية بتارميكت في مسابقة الصحفيين الشباب من أجل البيئة “صنف الصورة”

مشاركة تلاميذ النادي البيئي والصحي لثانوية بدر الاعدادية بتارميكت في مسابقة الصحفيين الشباب من أجل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *